كلمة الرئيس

   

تعمل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية على أداء مهامها في ضبط وتطوير المشهد الإعلامي الوطني ، وضمان حرية الاتصال السمعي البصري ، والتعبير عن تيارات الفكر والرأي في إطار احترام القيم الحضارية والثوابت الوطنية والقوانين المرجعية للجمهورية ، بغية ضمان حق المواطن في المعلومة.

 وعملا على تأمين وتمهين حرية التعبير وتجسيدها مكسبا وطنيا وخيارا استراتيجيا أساسيا ، يشكل ركيزة محورية للممارسة الديمقراطية ورافعة قوية للتنمية ، من خلال السهر على تطبيق التشريعات والنظم المتعلقة بالصحافة والاتصال السمعي البصري والإعلام الرقمي ، وتعزيز ضبط ورقابة المضامين الإعلامية.

وتسهر السلطة العليا في هذا السياق على تكريس الحريات والالتزام بمبادئ الأخلاق والمسؤولية والمهنية ، وتعمل باستقلالية مع الفاعلين الإعلاميين الخصوصيين والعموميين والجمعويين على تمكين كافة المواطنين من ممارسة حقهم في الإعلام ، وعلى تأمين النفاذ والولوج لخدمات إعلامية تعددية تنافسية ملبية لتطلعات رأي عام وطني أصبح في موقع الفعل الإعلامي عبر وسائل ووسائط تتطور بوتيرة متسارعة. 

وقد وضع القانون رقم 26 - 2008 بتاريخ 06 مايو 2008 الذي يلغى ويحل محل الأمر القانوني رقم 034 - 2006 المنشئ للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية المبادئ الأساسية للضبط ، مانحا السلطة العليا صلاحيات في مجالات من أهمها :

- السهر على تطبيق التشريع والنظم المتعلقة بالصحافة والاتصال السمعي البصري في ظروف موضوعية وشفافة وغير تمييزية ، فضلا عن ضبط ورقابة مضامين ومحتويات النشر في الصحافة الورقية والرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي؛
- ضمان الاستقلالية وعدم التحيز في وسائل الإعلام والاتصال العمومية والمصادقة على تعيين المديرين العامين لها ؛
- تشجيع وترقية التنافس السليم بين وسائل الإعلام العمومية والخصوصية المكتوبة والسمعية البصرية ، إضافة إلى الوسائط الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في سياق الصلاحيات الموسعة للسلطة العليا بموجب القانون 022 - 2022 ؛
- السهر على ولوج كافة الفاعلين لوسائل الإعلام العمومية والخصوصية المكتوبة والسمعية البصرية ؛
- دراسة ملفات طلبات ترخيص المحطات الإذاعية والتلفزيونية ؛
- السهر على احترام القوانين والنظم وحرية الآخر وملكيته والقيم الإسلامية وكرامة الإنسان والطابع التعددي للتعبير والفكر والهوية الثقافية وحماية الطفولة والمراهقة في البرامج السمعية البصرية ؛
- السهر على احترام الوحدة الوطنية وصيانة اللحمة الاجتماعية ؛

كما عزز القانون رقم 26 - 2008 موقع السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية من خلال ربطها برئاسة الجمهورية ، واتسعت مجالات عملها بصدور القانون رقم 045- 2010 الخاص بتحرير الفضاء السمعي البصري الذي منح السلطة العليا دورا أساسيا في مجال منح الرخص لاستغلال الإذاعات والتلفزيونات الخصوصية والجمعوية ، وأعطاها صلاحيات مهنية واسعة في مجال وضع ورقابة وتنفيذ دفاتر الشروط والالتزامات.

وشكل القانون رقم 022 - 2022  إضافة نوعية لمهام الهيئة وتوسيعا لصلاحياتها لتشمل ضبط الإعلام الجديد : الإعلام الرقمي وإعلام التواصل الاجتماعي ، وضبط المؤسسات والأفراد الممارسين بكل المجالات الإعلامية المكتوبة ؛ الرقمية التقليدية والجديدة ، فضلا عن الاضطلاع بدور التحكيم والوساطة بين الفاعلين في الحقل الإعلامي مهنيين ومشغلين. 

ويؤشر توسع مهام السلطة العليا وتعزيز صلاحياتها القانونية في ضبط المشهد الإعلامي الوطني على أهمية دورها ، بوصفها إحدى ركائز النظام الديمقراطي التعددي الذي يتعزز باستمرار في شتى مناحي الحياة الوطنية. 

وتجسيدا لهذه الأهمية وترجمة لدور السلطة في مواكبة المشهد الإعلامي الوطني ، تسعى إلى تعزيز فضاء الحريات وتفعيل آليات الرصد والضبط ومراقبة المضامين لمواءمتها مع الالتزامات القانونية والأخلاقيات المهنية ، فضلا عن تطوير وتحسين خبرات الصحفيين عبر تنظيم الدورات التكوينية في مختلف الأجناس الصحفية ، ومواكبة الصحفيين والمدونين ومستخدمي التواصل الاجتماعي ، من أجل توطيد قيم المهنية والمسؤولية والاستقلالية والشفافية.

 كما تعمل على إعداد التحقيقات والدراسات الشاملة حول واقع المشهد الإعلامي ، وتحقيقات  التعددية الدورية حول مستوى نفاذ الفاعلين السياسيين والمجتمعيين ، وحضور النوع في المساطر البرامجية ، ومواكبة وضبط الحملات الدعائية في المواسم الانتخابية والفترات العادية ، وتفعيل آليات الوساطة والتحكيم ، انطلاقا من المهام الضبطية والصلاحيات الموكلة إلى السلطة العليا في هذا المجال.

 والسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية عضو فاعل في العديد من الهيئات الضبطية الإقليمية والقارية والدولية ، وتعمل باطراد على على تعميق العلاقات وتعزيز الشراكات مع نظيراتها في المنطقة وعلى المستوى الدولي ، من خلال تبادل الخبرات والتجارب وتعزيز آليات التشاور وآفاق التعاون في جميع المجالات المرتبطة بمهامها في ضبط وتطوير المشهد الإعلامي الوطني. 

وسيتم العمل في المرحلة القادمة على تعزيز المكاسب وتدعيمها ، واستشراف الآفاق المرتبطة بتوطيدها ، والتطلع إلى كسب وتحقيق الرهانات المتعددة على المستويات المؤسسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية ، سبيلا إلى التمهين والتمكين لقيم العمل الصحفي الناضج ، وترسيخ مبادئ التعددية والحرية والمهنية ، عبر الشراكة البناءة والتعاون المثمر مع مختلف الفاعلين والمهنيين والشركاء في حقل الاتصال والإعلام. 

 

                        محمد عبدالله لحبيب

 

 

 

 

4 November 2020